الجمعة، 10 ديسمبر 2010

المقاهى.. المتهم الأول بسرقة الرجل من أحضان زوجته


فى المقهى يتجمع الرفاق والأصدقاء الذين لا تتيح لهم ضغوط الحياة ومشاغلها فرص اللقاء سوى فى هذا المكان الجامع.. ورغم براءة المقصد فإن زوجات كثيرات لا يرتحن لتلك الجلسات ويعتبرنها مضيعة للوقت وخراباً للبيوت، بحجة أن المنزل والأسرة أولى بهذا الوقت الذى يضيعه الزوج على المقهى.. وعلى الجانب الآخر هناك زوجات وأزواج يتعاملون مع الأمر بمنتهى البساطة، خاصة مع التزام الزوج بواجباته الأسرية وحفاظه على أوقات تواجده بالمنزل وكذلك تفهم الزوجة والأبناء لطبيعة جلوس الوالد أو الزوج على المقهى للقاء الأصدقاء والاستمتاع بوقته بالطريقة التى تريحه نفسيا.


تقول كاتبة أدب الأطفال منى سلام: أتضايق بشدة من جلوس زوجى على المقهى، ولأنه يعلم هذا جيداً، فإنه يدارى عنى ذهابه إلى هناك، ومن الطريف أننى أكتشف كذباته هذه بالصدفة، أثناء مرورى أمام المقهى الذى اعتاد على ارتياده.


وسبب ضيقى أنه يتركنى من أجل الجلوس مع أصحابه، كما أنه يدخن فيه الشيشة بكثافة مما يضر صحته، كما أن أحاديث المقاهى أعتبرها أحاديث فارغة وتحمل مبالغات كثيرة وتتسبب أحياناً فى «خراب البيوت»، فكل رجل يريد أن يعطى لرفقاء مجلسه صورة مثالية عن نفسه فيضطر لتلفيق الأكاذيب، ويقارن الآخرون أنفسهم به ويتضررون من أوضاعهم الزوجية والأسرية، مما ينعكس بالسلب على بيوتهم وزوجاتهم.


ولأننى وددت أن أشارك زوجى كل أوقاته عرضت عليه الذهاب معه إلى المقهى وحدث ذلك أكثر من مرة ولكنه لم يكن مرتاحا لوجودى معه لأننى منعته من تدخين الشيشة، «ولما غلبت فيه هددته.. إذا شربت الشيشة هشربها أنا كمان»، غير أن هذه المحاولات لم تنجح، ومازال المقهى وجهته المفضلة.


جلوس الرجال على المقهى أعتبره هروبا من مواجهة المشاكل الأسرية، وأنانية، لأن الرجل يترك بيته وزوجته وأولاده ليجالس أصدقاءه، رغم أن أسرته أولى بهذا الوقت، فيتولد نوع من القسوة فى نفوس الزوجات تجاه أزواجهن فتسوء حالتهن النفسية.


ويقول السيناريست لطفى عبدالغنى: أجلس على المقهى أحياناً، لأننى لست من رواده الدائمين، أقابل هناك الأصدقاء الذين لا أراهم لفترات طويلة، مرة فى الأسبوع على الأكثر، وهو أمر اعتادت عليه زوجتى، أما قبل الزواج فكنت من رواد المقهى الدائمين، وكنت أجلس للكتابة عليه بالساعات.


المقهى لا يمثل مشكلة لزوجتى على الإطلاق، كما أن ساعات بقائى خارج المنزل مقبولة وهى تعرف خط سيرى جيداً، وتطمئن له، وأوقات فراغى أفضل أن أقضيها معها ومع أولادى، نبقى بالمنزل أحيانا ونتسلى ببعض ألعاب الذكاء كالشطرنج والكوتشينة والدومينو، أو نسافر للمصيف وزيارة الأهل والأقارب.


أصبح المقهى اليوم مكوناً أساسياً فى حياة أغلب الرجال المصريين بل الفتيات أيضا، ربما بسبب الفراغ والإحباط الذى يعانونه، أما قديما فكان المقهى مكان أصحاب المعاشات وكبار السن فقط.


ندى وشريف زوجان حديثان نسبياً، مضى على زواجهما ثلاثة أعوام، كان المقهى سبباً فى تعارفهما وأيضا فى مشاكلهما بعد الزواج.


وتقول ندى فاضل، تعمل مترجمة: تعرفت على زوجى عن طريق بعض الأصدقاء المشتركين أثناء جلوسنا على أحد مقاهى وسط البلد، وتكررت لقاءاتنا هناك كأصدقاء أولا وكخطيبين فيما بعد، إلا أنه منذ إنجابى لابنى «مراد» أصبح زوجى يرتاد المقهى بمفرده، حتى إنه يتجه إليه مباشرة بعد انتهائه من عمله، وحينما أعترض على ذلك يؤكد أن دردشة المقاهى تريحه نفسيا وتخلصه من ضغوطه وأنه يفرغ هموم العمل على المقهى ليعود للبيت صافى الذهن، فلا يعكرنا بمزاجه السيىء.


أما أنا فلم يعد لدى وقت يسمح بالجلوس معه على المقاهى، فهناك مهام العمل والمنزل والأطفال، وأصبح لدى أماكن بديلة أرتادها باستمرار كالنوادى والحدائق، فهى آمنة على ابنى ومبهجة له، وصحية أيضا، وتخلو من دخان الشيشة والسجائر وبها أطفال فى مثل سنه يلعب معهم.


أما زوجها شريف يونس، ويعمل مصمم إعلانات فيقول: المقهى جزء من تكوينى، ويصعب انفصالى عنه، قضيت سنوات طويلة عليه، كان قبلتى الدائمة أثناء الدراسة وبعد التخرج، ولا أستطيع مجافاته هكذا فجأة لأجل زوجتى، ومع ذلك تنازلت عن ساعات طويلة من الوقت الذى أقضيه على المقهى، ولم أعد أذهب إليه كل يوم بل ثلاث مرات فى الأسبوع على الأكثر، ورغم هذا وجدتنى مطالبا بالمزيد وهو أمر صعب على.


بالفعل أشتاق للمقهى فى حد ذاته، وليس كما تتهمنى لجلسات العزوبية، أحب المقهى لرائحته وضوضائه وكوب الشاى المميز هناك، بينى وبينه عشرة سنين، كما أننى أشاركها وابنى النزهات بالحدائق والنوادى، ولكن يجب أن يكون لى أيضاً عالمى الخاص الذى أركن إليه كلما أردت، وعليها بالطبع احترام هذه الرغبة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق